السيد عمار الحكيم يؤكد أهمية وحدة البيت العراقي وتشكيل حكومة قوية قادرة على الإنجاز
أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، خلال كلمته في الحفل التأبيني الرسمي بذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم، أن الاختلاف السياسي ليس أمرًا مشروعًا فحسب، بل هو حاجة ضرورية، محذرًا في المقابل من تحويله إلى انقسام حاد أو تعطيل للمؤسسات، لما لذلك من أثر في إضعاف الدولة وتقويض ثقة المواطن وفتح المجال أمام التدخلات والضغوط الخارجية، مشددًا على أن الفراغ السياسي أخطر من الاختلاف مهما كانت تداعياته.
وأشار السيد الحكيم إلى أن العراق اليوم بحاجة إلى تماسك داخلي حقيقي، وإلى خطاب سياسي مسؤول يقدّم المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الضيقة، ويجعل من التنوع مصدر قوة لا عامل انقسام وتشرذم، مؤكدًا أن العراق ليس بحاجة إلى مغامرات سياسية، بل إلى قرارات محسوبة تحمي شعبه ومستقبل أجياله.
وانطلاقًا من هذه المناسبة، وبناءً على حجم المسؤولية الوطنية، شدد الحكيم على أهمية وحدة البيت العراقي وتقوية أواصر الحوار البنّاء والفاعل، لافتًا إلى أن أهمية الوحدة الوطنية ونتائجها الإيجابية لمسها العراقيون في المنعطفات الحساسة التي مرت بها العملية السياسية خلال العقدين الماضيين.
وأوضح أن العراق، وبفضل تكاتف أبنائه ووعي شعبه، تمكن من تجاوز الكثير من المعوقات، وما زال يسير على المسار السليم لاستكمال منظومة الإصلاح الشاملة في البلاد، مؤكدًا أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم من دون الوحدة والإصرار على حمايتها من التحديات والمخاطر.
وقال السيد الحكيم إن العراق يقف اليوم أمام استحقاق وطني كبير يتمثل في تشكيل حكومة قوية وواعية لمتطلبات المرحلة وتداعياتها، حكومة يتشارك فيها الجميع ويتحمل مسؤوليتها الجميع، لتكون حكومة قرار لا تردد، وحكومة مسؤولية لا تنصل، وحكومة قوية لا هشة.
وأضاف أن الشعب العراقي ينتظر حكومة قادرة على تحويل الاستحقاق الانتخابي إلى استقرار فعلي وخدمات ملموسة وفرص عمل واقتصاد منتج، معتبرًا أن قوة الحكومات لا تُقاس بشعاراتها، بل بقدرتها على الإنجاز، وبمستوى الانسجام بين مؤسساتها، وبمدى احترامها للدستور والالتزام ببرنامج واضح يخضع للمحاسبة والمتابعة والتقييم.
وفي هذا السياق، اقترح السيد الحكيم أن يُبنى البرنامج الحكومي على ثلاث مراحل زمنية متدرجة، تبدأ بمئة يوم للإنجازات العاجلة تُقاس خلالها جدية الحكومة من خلال ملفات تمس حياة المواطن اليومية، تشمل الكهرباء والماء والبطالة وانسيابية الخدمات وإجراءات النزاهة وترتيب الأولويات المالية. وتليها مرحلة عام الإصلاح للإدارة والحوكمة، تُستكمل فيها الإصلاحات الهيكلية عبر محاربة البيروقراطية وإصلاح منظومتي الجباية والإنفاق وتطوير الإدارة وتثبيت مبادئ الشفافية في العقود والمشاريع. أما المرحلة الثالثة، فتمتد لأربع سنوات لتحقيق الأثر التنموي المستدام، ويُقاس فيها نجاح الدولة بقدرتها على خلق فرص العمل وجذب الاستثمار وتحسين البنى التحتية وبناء اقتصاد متنوع.
وفي كلمته، أكد السيد الحكيم أن شهيد المحراب الخالد كان حاضرًا في معركة الموقف قبل معركة السلطة والمناصب، مؤمنًا بأن خلاص العراق لا يكون بالاستبداد ولا بالإقصاء، بل ببناء دولة عادلة تحتكم إلى إرادة شعبها وتحترم تنوعه وتؤسس لعملية سياسية قائمة على الشراكة والمسؤولية الوطنية.
وشدد على أن البلاد لا تُدار بالارتجال ولا بالمجاملة ولا بتأجيل القرارات الصعبة، معتبرًا أن الدولة تحتاج إلى شجاعة في الإصلاح والاعتراف بالخلل ومواجهة الفساد وحماية السيادة، مشيرًا إلى أن الإصلاح الحقيقي لا يكتمل من دون نهضة علمية وتقنية والاهتمام بالرقمنة والحوكمة، باعتبار أن التحول الرقمي لم يعد ترفًا إداريًا بل أضحى طريقًا أساسيًا لمحاربة الفساد وتحسين الخدمة العامة.
وشدد السيد الحكيم على أن استذكار هذه المناسبة يحمل رسالة سياسية وأخلاقية مفادها أن الدولة تُبنى بالاعتدال والمنطق، وتحفظها الوحدة الوطنية، ويصونها القرار السيادي المستقل، لافتًا إلى أن أول الدروس المستحضرة من سيرة شهيد المحراب الخالد هو وحدة الموقف الوطني التي تمثل الركيزة الأساسية لأي دولة مستقرة قادرة على الصمود في وجه التحديات.