الفخ الإسرائيلي

عكاظ

الفخ الإسرائيلي

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

منذ أحداث السابع من أكتوبر سعت إسرائيل بكل ما تملك من قوة لشيطنة المقاومة الفلسطينية متمثلة في حماس، وقد سخّرت آلتها الإعلامية وجهودها السياسية بالتنسيق مع وسائل الإعلام الغربية المتحالفة والمتعاطفة معها لإعلان الحرب على حماس وتصويرها على أنها تنظيم إرهابي يقطع الرؤوس ويقتل الأطفال، وقد تمكنت من إقناع الرأي العام الغربي بأن حماس هي المعضلة التي تقف بطريق إيجاد حل للقضية الفلسطينية والمتسبب الوحيد في التنكيل بسكان غزة من المدنيين العزل.

وبصرف النظر عن رأيي الشخصي تجاه هذا التنظيم (فأنا لست بصدد الدفاع عنه أو نقده)، لكن هناك أبعاداً أخرى لتلك التصريحات الإسرائيلية؛ فعلى الرغم من أن ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر قد تسبب في رد فعل قوي من إسرائيل -التي قامت بتدمير قطاع غزة تدميراً شبه كامل وقتلت ما يزيد على ثلاثين ألف فلسطيني وأصابت عشرات الآلاف بجروح- إلا أن ما لفت انتباهي هو سعي حكومة إسرائيل «بدهاء ومكر منقطعي النظير» لربط حماس بكافة أنواع المقاومة الموجهة للاحتلال الإسرائيلي حتى تلك التي توجد بالجولان والضفة الغربية ومزارع شبعا، فإسرائيل تقتل الآلاف في غزة والضفة الغربية تحت ستار مقاومة حماس، حتى الفلسطينيين الذين قاوموا هجوم المستوطنين في الضفة للدفاع عن أنفسهم تمّت إبادتهم تحت مظلة محاربة حماس.

قتلت إسرائيل أكثر من عشرة آلاف طفل ومثل هذا العدد من النساء حتى اللحظة الراهنة بحجة محاربة تنظيم حماس، ولا نعلم ما علاقة هؤلاء الأطفال بالمقاومة الفلسطينية، فالفلسطينيون جميعهم -كما تسعى إسرائيل لوصفهم- في حرب إسرائيل حمساويون يجب قتلهم، غير أنه في حقيقة الأمر أعداء إسرائيل والذين أعلنت عليهم الحرب هم الفلسطينيون وليسوا أعضاء حماس فقط، والذين انتفضوا من الظلم والقمع والحصار الوحشي المفروض عليهم، سواء انتموا لحماس أو لم ينتموا لها، وسواء حملوا السلاح للدفاع عن أرضهم أو ارتدوا الملابس المدنية وآثروا السلامة والنجاة بحياتهم من القتل العمدي والمعاملة الوحشية التي يعاملهم بها الإسرائيليون.

ما يحدث في الضفة الغربية الآن يؤكد لنا صحة التحليل السابق، فالضفة الغربية لها سلطة سياسية مختلفة عن السلطة السياسية في غزة، ولم تشارك في أحداث السابع من أكتوبر ولم تهاجم الإسرائيليين بأي صورة، وعلى الرغم من ذلك فإن مسلسل القتل العمدي والاعتقالات مستمر دون توقف أو هدنة، وفي كل يوم تتوغل الدبابات والجرافات الإسرائيلية في الضفة الغربية لتهدم البيوت وتعتقل السكان بلا مبرر أو سبب مفهوم، فالفلسطينيون هناك إرهابيون في نظرها، ولهذا فهي تسعى لإحداث ضربات استباقية لتحييدهم والتخلص منهم، ومن المؤكد أن الشعب الفلسطيني تساوت أمامه فرص الحياة والموت جرّاء حرمانه من أبسط حقوقه.

من الملاحظ أن إسرائيل تتعامل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بوقاحة بسبب عدم قيام الأخيرة بإدانة ما حدث في السابع من أكتوبر، وإسرائيل التي لا تجيد إدارة شؤون بلدها تعتبر كل فلسطيني يحمل أفكار مقاومة الاحتلال إرهابياً، حتى اللبنانيون الذين تحتل إسرائيل أراضيهم هم في نظرها حمساويون، كذلك السوريون في الجولان المقاومون لاحتلال أراضيهم تم قصفهم تحت ذريعة محاربة حماس، ومن الواضح أن حماس هي مجرد ذريعة لدك المقاومة التي تحتل الأراضي العربية، ومن خلال الترويج أن كل فلسطيني هو من حماس تمكنت إسرائيل من الحصول على الضوء الأخضر من بعض دول العالم لقتل أي فلسطيني وعربي للاشتباه في انتمائه ضمناً لحماس.

القضية بوضوح ليست قضية حماس بالنسبة لإسرائيل، القضية الأساسية هي استئصال أي مقاومة للاحتلال، ولو عدنا بالذاكرة قليلاً لما حدث في العراق وسوريا منذ سنوات قليلة خلال وجود فترة التنظيم الإرهابي داعش، فسنجد أن الولايات المتحدة سعت لإقامة قواعدها العسكرية في المنطقة بحجة استئصال داعش، وعلى الرغم من أنه لا يختلف اثنان على أن داعش هو تنظيم إرهابي غير أن وجود الولايات المتحدة في المنطقة يهدف لحماية مصالحها وتقديم الدعم لإسرائيل من خلال التخلص من أي مقاومة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>