كيف ستجري الحوارات بين بغداد وواشنطن حول الوجود الأميركي؟

العربي الجديد

كيف ستجري الحوارات بين بغداد وواشنطن حول الوجود الأميركي؟

  • منذ 2 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

كشفت تصريحات المسؤولين العراقيين والأميركيين، أن اللقاء الأول الذي عُقد بين الجانبين في بغداد، أول من أمس السبت، في إطار الحوارات بين بغداد وواشنطن، بشأن إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، جرى الاتفاق خلاله على تشكيل "3 مجموعات عمل" تتولى عملية "تقييم" و"مراجعات"، بحسب بيان للحكومة العراقية، لـ"مستوى التهديد الذي يمثله داعش"، و"المتطلبات العملياتية والظرفية"، و"تعزيز القدرات للقوات العراقية". وعلى إثر عمل تلك اللجان التي ستتولى إعداد عملية التقييم، ستنطلق المفاوضات بين الجانبين لصياغة جدول زمني للانسحاب الأميركي من العراق.

الحوارات بين بغداد وواشنطن: انطلاقة فعلية بعد "التقييم"

هذه المعلومات شرحها مسؤول عراقي بارز في وزارة الخارجية في بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إن "لجان العمل المُشكّلة بين الجانبين عسكرية، مهمتها وضع تقييم للوضع الأمني وخطر تنظيم داعش، وما يحتاجه الجيش العراقي للاعتماد على نفسه فعلياً، إلى جانب لجنة ثالثة ستتولى تقييم الوضع العراقي الأمني في الوقت الحالي، بداية من ملف الحدود الدولية مع الدول الست المجاورة (إيران، تركيا، سورية، الأردن، السعودية، الكويت)، إلى وضع المدن المحررة شمال وغربي البلاد"، لافتاً إلى أن "هذه اللجنة باشرت عملها بالشراكة مع وزارتي الداخلية والخارجية، وممثلين عن التحالف الدولي".

مسؤول عراقي: الاتفاق على الذهاب إلى مفاوضات سيتم في ضوء التقييم

وحتى الآن، من غير المعلوم كم من الوقت الذي ستستغرقه اللجان لإنجاز التقييم أو المراجعة للملفات الثلاثة العاملة عليها، لكن المسؤول ذاته قال إنها "قد تستغرق عدة أشهر"، بعدها سيتم "الاتفاق على الذهاب إلى مفاوضات في ضوء التقييم الموجود". واعتبر أن "إنهاء دور التحالف في العراق، في حال تقرّر فعلاً، سيكون ضمن جدول زمني وعلى مراحل قد تمتد بين عامين وثلاثة أعوام".

وعلى خلاف البيانات الرسمية العراقية، فقد خلت عبارة "الانسحاب" من تعليقات المسؤولين الأميركيين على اللقاء الأول ضمن الحوارات بين واشنطن وبغداد، وكذلك عبارة مفاوضات. وركّز بيان عسكري أميركي صدر عن قيادة "العزم الصلب"، وهي التحالف الدولي للحرب على "داعش"، في ختام اللقاء الأول، على عبارات مثل حوار ولقاء، وكذلك تقييم الأداء، و"مناقشة التعديلات لمهمة التحالف الدولي في العراق".

وذكر البيان أنه "في شهر أغسطس/آب العام الماضي، وفي العاصمة واشنطن، شاركت وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتان، ووزارة الدفاع العراقية، في حوار التعاون الأمني بين أميركا والعراق، وجرى التأكيد على التزامهم المشترك في التعاون الأمني تحت مسمى اللجنة العسكرية العليا (أتش أم سي) لتقييم التقدم في مهمة التحالف الدولي، وهي هزيمة داعش، وكذلك مناقشة التعديلات المستقبلية على مهمة التحالف ووجوده في العراق".

وأضاف البيان: "يمثل (يوم السبت) أول خطوة لتأسيس هذا المجلس العسكري الأعلى لتمكين القادة في قوات التحالف، وقادة القوات العراقية، في المساهمة بسلسلة من مجاميع العمل، لإجراء تقييمات بخصوص ثلاث عوامل، وهي التهديد الذي يمثله داعش، والمتطلبات العملياتية والبينية، وقدرات القوات العراقية".

وختم البيان العسكري الأميركي قوله إن اللجنة العسكرية وخلال فترة الحوار، "تعمل على تحديد الظروف اللازمة لقوات التحالف ـ العزم الصلب ـ لنقل المهمة من العراق".

من جهتها، قالت السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوكسي، في تعليق لها على منصة "إكس"، بشأن اللقاء الأول بين العراقيين والأميركيين: "ستناقش الولايات المتحدة والعراق كيفية انتقال مهمة قوة المهام المشتركة للتحالف الدولي ضد داعش إلى شراكة أمنية ثنائية مُستدامة مع مرور الوقت".

لكن بيان رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، تحدث عن أن متخصصين عسكريين سيتولون "إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي ضد داعش" بعد مراجعات تجريها ثلاث مجموعات عمل. وتحدث عن أنه "سيصار إلى صياغة جدول زمني محدد لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية بين العراق والولايات المتحدة". البيان أكد أن ذلك يترافق مع الالتزام بـ"اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقّعة بين العراق والولايات المتحدة عام 2008، وأيضاً الالتزام بسلامة مستشاري التحالف الدولي أثناء مرحلة التفاوض في كل أرجاء البلاد، والحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد".

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، الخميس الماضي، إن قوات بلاده "على أتم الاستعداد لانسحاب قوات التحالف ومسك الملف الأمني في البلاد بالكامل". وأضاف في بيان، أنه "سيتم تحديد توقيتات الانسحاب الخاصة بقوات التحالف، وبناء علاقات تعاون مشتركة بين العراق والولايات المتحدة ودول التحالف في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، تتوافق مع رؤية الحكومة العراقية".

مخاوف جدّية من مواجهة خاسرة

ويُهدد استمرار هجمات الفصائل المسلحة على المعسكرات والمواقع الأميركية في العراق والأراضي السورية، الحوارات بين واشنطن وبغداد، واستمرار عمل اللجان الثلاث، خصوصاً في حال ردّ واشنطن على تلك الهجمات بضربات جوية جديدة على مقرات الفصائل المسلحة.

ياسر وتوت: هناك مخاوف من مماطلة أميركية وعودة نشاط داعش

وتوعدت جماعة "المقاومة الإسلامية" في العراق، وهي مظلة لعدة فصائل مسلحة توصف عادة على أنها مدعومة من طهران، وأبرزها "النجباء" و"كتائب حزب الله"، بمواصلة الهجمات على القوات الأميركية، مشككة أساساً في جدوى بدء الحكومة العراقية حراكها لإنهاء الوجود الأميركي عبر عقد اجتماعها الأول في بغداد نهار السبت. وذكرت الجماعة في بيان، أنها ستواصل "دكّ قواعد الاحتلال الأميركي"، الذي اعتبرته "لا يفهم غير لغة القوة"، معتبرة أن تلك المفاوضات التي بدأت بين حكومة السوداني والجانب الأميركي ما هي إلا "كسب للوقت".

عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة الثانية بعد تشكيل اللجان الحالية هي رسم آليات الانسحاب الأجنبي من البلاد، وقد تشهد الفترة المقبلة اجتماعات أخرى مع الجانب الأميركي، لأجل مناقشة ذلك".

وأضاف وتوت أن "الفريق العراقي المتخصص من العسكريين والاستشاريين والقادة الأمنيين، سيطلبون وضع جدول زمني للانسحاب غير السريع للقوات الأجنبية، لكن هناك مخاوف سياسية من احتمال مماطلة القوات الأجنبية في قرار انسحابها، كما تحدثت بعض القوى السياسية خلال اليومين الماضيين من احتمال عودة نشاطات داعش، وهو ما قد يتبناه التحالف الدولي كحجة للبقاء في العراق".

ولفت وتوت إلى أن "القوى السياسية والبرلمان وائتلاف إدارة الدولة والفريق العسكري المتخصص يتابعون سير عملية انسحاب القوات الأجنبية، ويبدو أن هذه المرة تختلف عن بقية المرات التي شهدت حديثاً عن إخراج القوات الأجنبية، لا سيما أن الوضع العراقي بات لا يسمح ببقائها أكثر، جرّاء التوترات الأمنية التي تسبب فيها هذا الوجود، فضلاً عن التجاوزات على مقرات الحشد الشعبي وقتل قادته".

أحمد الجعفري: حكومة السوداني لا تريد أن تدخل في مواجهة خاسرة مع الجانب الأميركي

وأمس الأحد، أعرب نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، قوباد الطالباني، عن قلقه من مساعي إنهاء دور التحالف الدولي في البلاد، مؤكداً ضرورة بقائه في المرحلة الحالية، على اعتبار أن "داعش" ما زال يشكل خطراً.

وقال الطالباني، خلال جلسة حوارية على هامش المؤتمر السنوي الثالث لممثليات حكومة الإقليم المنعقد في مدينة أربيل: "لسنا في مرحلة ما بعد داعش. التنظيم باقٍ ويشكل تهديداً، ومعظم البلدان التي تمتلك تمثيلاً في العراق وإقليم كردستان يوجد هذا الاعتقاد لديها"، مشدداً على أن "داعش خطر حي يهدد العراق والإقليم، وأن هذا الأمر هو السبب في تواجد الدول التي لديها تمثيل عسكري في الإقليم والعراق، وأنه من المهم بقاء قوات التحالف الدولي خلال المرحلة الحالية، من أجل مواجهة الإرهاب بالدرجة الأساس". وأضاف أن "حواراً جدياً بدأ بالفعل بين بغداد وواشنطن حول التواجد العسكري الأجنبي في البلاد"، مشيراً إلى "ضرورة الانتباه إلى خطر داعش، الذي يشكل تهديداً وخطراً على العراق والإقليم".

وحول الملف، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي أحمد الجعفري، لـ"العربي الجديد"، إن "بيانات الحكومة العراقية، تسعى بالمجمل إلى إقناع الفصائل المسلحة بالتهدئة، من خلال استعمال مفردات التفاوض والانسحاب والجدول الزمني، وإنهاء مهمة التحالف الدولي. في المقابل، فإن الأميركيين يتعاملون مع الاجتماع الأخير في بغداد على أنه لإعادة تقييم تسبق أي حديث عن الانسحاب أو إنهاء دور التحالف".

وأضاف الجعفري: "نحن هنا أمام ملف شائك ومعقد، لكن بالمجمل حكومة السوداني لا تريد أن تدخل في مواجهة خاسرة مع الجانب الأميركي، قد تجعل العراق في النهاية ضمن دول المحور الإيراني ويكون عرضة لعقوبات مختلفة". ورجّح أن "تكون هذه الحوارات الجديدة بداية جولات تطول لأكثر من عام، قبل أن يُصار إلى تحديد شكل علاقة أمنية وعسكرية جديدة مع العراق".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>