شركات الضغط الأميركية تثير أزمة سياسية جديدة في العراق

العربي الجديد

شركات الضغط الأميركية تثير أزمة سياسية جديدة في العراق

  • منذ 4 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

للأسبوع الثاني على التوالي، تتواصل في العراق حلقات الجدل والاتهامات السياسية حيال ما بات يُعرف محلياً بـ"فضيحة شركات الضغط الأميركية"، والتي كشف عنها رئيس البرلمان المُقال قضائياً، محمد الحلبوسي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقدّم خلاله وثائق تشير إلى تعاقد جهات سياسية وحكومية مختلفة مع شركات علاقات عامة أميركية، لتحسين سمعتها داخل الولايات المتحدة.

وكان بارزاً من بين هذه الجهات هيئة "الحشد الشعبي"، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وأطراف سياسية من مختلف الأطياف وبعضها يتبنى خطاباً مناهضاً لواشنطن.

وتُظهر الوثائق التي وزعها الحلبوسي على الصحافيين، التعاقد مع تلك الشركات الأميركية، مقابل مبالغ مالية تصل إلى مليون دولار، لترتيب علاقات الجهات العراقية مع مسؤولين في إدارات أميركية متعاقبة منذ عام 2010، وأعضاء الكونغرس وكُتاب ومؤثرين ووسائل إعلام أميركية مهمة.

نوري المالكي و"الحشد الشعبي" من بين من تعاملوا مع شركات الضغط الأميركية

وكشف الحلبوسي، في المؤتمر الصحافي، عن 284 جهة عراقية، شملت مسؤولين وأحزاباً بارزة، من بينهم المالكي و"الحشد" وحكومة إقليم كردستان- العراق، تعاقدت مع شركات علاقات عامة وتحسين سمعة في الولايات المتحدة الأميركية، تُعرف بـ"شركات الضغط"، والتي تتولى ترتيب علاقات السياسيين العراقيين مع مسؤولين وصُنّاع قرار ورأي داخل أميركا.

الحلبوسي قدّم الأسماء في معرض دفاعه عن اتهامات يواجهها هو وحزبه "تقدم"، تتعلق بالتعاقد مع واحدة من هذه الشركات، حيث يقول خصوم الحلبوسي الذين رفعوا دعوى قضائية جديدة بحقه، الشهر الماضي، إن هذه الشركة وتدعى "BGR"، تدعم إسرائيل، الأمر الذي ينفيه الحلبوسي بطبيعة الحال ويقول إنها شركة أميركية.

اتهام بالتعاقد مع شركة ضغط أميركية تدعم إسرائيل

ومن بين الأسماء التي تَتهم الحلبوسي بالتعاقد مع هذه الشركة، وهو ما يجرمه القانون العراقي ضمن بند تجريم التطبيع، كل من رئيس حزب "الحل" جمال الكربولي، والنائب السابق حيدر الملا، إلى جانب النائب السابق فارس الفارس، وكذلك محافظ الأنبار الأسبق صهيب الراوي، والنائب الحالي في البرلمان باسم خشان. وقد رد الحلبوسي في مؤتمره عليهم، معتبراً أنهم "متهمون بالفساد" و"مزدوجو الجنسية".

وأشار الحلبوسي، إلى أن "شركة BGR، أميركية ومسجلة في الولايات المتحدة، ومملوكة من قبل أميركيين، ولا يوجد أي تمثيل أو عامل فيها من جنسيات أخرى"، مضيفاً أن "العقد معها ليس مخفياً، بل هو معلن من قبل وزارة العدل الأميركية".

ولفت إلى أن "طبيعة العقد تنص على التواصل مع وسائل الإعلام ونشر نشاطات الحزب داخل الولايات المتحدة، وقد يشمل ذلك التواصل مع المسؤولين الأميركيين". وتابع: "قانون الأحزاب لم يشر إلى أي منع للأحزاب من التعاقد".

الجدل العراقي، الشعبي والسياسي منه، لم يعد يتعلق بالتعاقد مع هذه الشركات وهويتها، بل بفكرة العمل على تحسين سمعة هذه الجهات العراقية داخل الولايات المتحدة، بينما يواجهون مشاكل داخل العراق تتعلق بموقف الشارع العراقي منهم، وإخفاقهم في التعامل مع قضايا مثل الفساد والخدمات والفقر والبطالة، خصوصاً أن جهات منها تتصدر واجهة الرفض للوجود الأميركي بالعراق.

مسألة شركات الضغط الأميركية قديمة

عضو بارز في البرلمان العراقي، قال لـ"العربي الجديد"، إنهم يعتقدون أن السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوسكي، هي من سربت قائمة تلك الجهات، إلى الحلبوسي.

وأضاف، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن "مسألة شركات الضغط الأميركية قديمة وتعود إلى ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق، وسياسيون كثر بينهم أحزاب دينية استعانوا بها قبل الغزو الأميركي في 2003، لتحسين سمعتهم أو تقديمهم كبديل مناسب عن نظام صدام حسين".

وتابع: "استمر عمل هذه الشركات مع نفس الجهات ثم توسعت خلال العشرين عاماً الماضية".

مصدر: بعض الجهات أنفقت ما لا يقل عن 20 مليون دولار لشركات تحسين السمعة الأميركية

وأشار إلى "الاعتقاد السياسي السائد أن هذه الشركات تساعد في تكوين انطباعات جيدة لدى المسؤولين الأميركيين"، لافتاً إلى أن "بعض الجهات أنفقت ما لا يقل عن 20 مليون دولار خلال السنوات الماضية لشركات تحسين السمعة تلك".

واعتبر أن حصول الحلبوسي على الأسماء والوثائق، وبهذه الشمولية، "لا يمكن أن يكون إلا من خلال السفارة الأميركية، بمعنى أنه متعمّد في مواجهة حملة إقصاء سياسية جديدة تقودها أطراف ضد أخرى تحت ذرائع مختلفة".

في غضون ذلك، قدّمت دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 30 نوفمبر الماضي، شكوى لحل حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي. وقال مدير دائرة الأحزاب، هيمن حميد، إنه "تم تشكيل لجنة تحقيق في دائرتنا للتحقيق في قيام حزب تقدم بإرسال أموال إلى جهة أجنبية بناء على طلبات الشكوى الواردة إلى هذه الدائرة".

التعامل مع شركات الضغط الأميركية طبيعي

وبحسب عضو في "تقدم"، تحدّث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم الكشف عن هويته، فإن "أحزابا سياسية ومنظمات محلية بالإضافة إلى شخصيات حكومية في العراق تتعامل مع شركات العلاقات الأميركية".

وأضاف أن "الحشد الشعبي" ورد في القوائم المنشورة "لأنه جهة أمنية وتحتاج إلى التواصل مع الشركات العالمية والأميركية والتعامل مع مصادر القرار الدولية، بالتالي فإن اتهام الحلبوسي بمخالفة قانون التعامل مع الكيان الصهيوني، هي كذبة واضحة".

عضو حزب "تقدم": الهجمة ضد الحلبوسي، تهدف إلى منعه من الفوز في الانتخابات المحلية

وأشار عضو "تقدم" إلى أن "الحلبوسي يمتلك كل المعلومات التي تشير إلى تعاقد شخصيات من تحالف الإطار التنسيقي، مع هذه الشركات، وأنه لا يريد ابتزاز هذه الجهات، لكنه يريد القول إن التعامل معها طبيعي ولا يحتوي على أي خروقات قانونية أو تعامل مع إسرائيل".

وأوضح أن "الهجمة الكبيرة ضد الحلبوسي، تهدف إلى منعه من الفوز في الانتخابات المحلية، في المحافظات السنية"، المقررة في 18 ديسمبر/كانون الأول الحالي.

وسبق أن علّق النائب السابق مشعان الجبوري، في تدوينة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) يوم 30 نوفمبر الماضي، على القائمة، وعلى تساؤلات حول أسباب محاسبة الحلبوسي دون غيره. وكتب أن "قانون الأحزاب الذي تم تشريعه عام 2015 لا يلزم الأحزاب بشيء قبل صدوره، وأنه اشترط أن يجرى إبلاغ دائرة الأحزاب مسبقاً بأي عملية إرسال أموال إلى الخارج، واستحصال موافقتها قبل التحويل، الأمر الذي يجعل حزب الحلبوسي فقط في قفص الاتهام وهناك احتمال لإدانته وحظره".

أما النائب يوسف الكلابي، فقد دافع عن "الحشد الشعبي" معتبراً أن ورود اسم "الحشد" ضمن القائمة كان "لبساً". وكتب على "إكس" في اليوم نفسه: "أراد بعض المتصيدين أن يروّجوا أن الحشد الشعبي هو الموجود بهذه القائمة، لذلك ومن منطلق كوني شغلت منصب مدير الدائرة القانونية للحشد والناطق الأمني له، أقول إن الاسم الموجود هو لما يسمى قوات الحشد الوطني، وهي مليشيا تابعة لأثيل النجيفي محافظ نينوى الهارب".

فرصة لتوريط الحلبوسي أكثر

وكان موقع "odwyerpr" الأميركي، قد نشر في حزيران/ يونيو الماضي، خبراً حول تعاقد حزب "تقدم" مع شركة "BGR" الأميركية لمدة عام واحد وبقيمة 600 ألف دولار، لتوفير العلاقات الحكومية والخدمات السياسية والتواصل مع مسؤولين في واشنطن، إضافة إلى التعامل مع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الأميركية.

واستغلت الأحزاب المناوئة للحلبوسي، هذا الخبر، ورُفعت دعاوى ضده أخيراً، تتهمه بالتخابر والتجسس والتواصل مع الكيان الإسرائيلي، معتبرين أن هذه الشركات تهدف إلى مد جسور الحوار بشأن التطبيع مع إسرائيل.

وفي السياق أشار النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشان، إلى أن "الحلبوسي متورط، وأن خطاباته الأخيرة لا تنفي حقيقة تورطه مع شركات أميركية قريبة ومتحالفة مع شخصيات إسرائيلية". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "دعاوى قضائية عديدة ومن جهات وشخصيات سياسية وغير سياسية، متواصلة من أجل محاسبة الحلبوسي، وليس فقط الاكتفاء بإقالته من رئاسة البرلمان".

وكانت المحكمة الاتحادية في العراق قد قضت في 14 نوفمبر الماضي، بإنهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان، على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد النواب، اتهمه فيها بتزوير استقالته من البرلمان.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>